Describe your immediate career in 5years career goal what are your present practice that will help you attain your goal?

Answer 1

استراتيجيات تَوجِيْهِ الرَّأْيِ العَام

يختلف الكثير في وجهات النظر تجاه الواقع والحياة وما يستجدُ فيها من معضلاتٍ أو مُتَوَقَّع ظهورها، وتتشعب هذه الاختلافاتُ لتحليلها وتفسيرها، ولطرق علاجها وتفاديها؛ فكلٌّ تنطلقُ أفكارُه وحلولُه من ثقافته وقدراته ومهاراته وتخصُّصه الأكاديمي وتصوراته واعتقاداته وقناعته ؛ ممَّا يعني أنَّ منهم نخبةً ومتخصِّصين قادرين على طرح الآراء الصائبة والحلول المناسبة لتحسين الحياة ولاستشراف المستقبل بالتأثير في الرأي العام؛ لذلك استكتبتْ الصحفُ كتَّابَ الرأي لتنوير قرَّائها، وهذا يعني أنَّ لوسائل الإعلام أيضاً أدواراً سلبيَّة في التأثير على الرأي العام، فما الرأيُ العام؟، إنَّ الرأيَ العام هو تكوينُ فكرةٍ أو حكمٍ في موضوع ما أو على معتقداتٍ قابلة للنقاش تخصُّ مجموعة عامَّة قد تشترك في الرأي، فهو إذاً تعبيرٌ علنيٌّ يعكس وجهة نظر الأغلبيَّة وتوافقاتها من خلال أهداف أفرادها وحاجاتهم وطموحاتهم تجاه قضيَّة معيَّنة في وقت معين.

ولصناع الرأي العام في المجتمع من صناع قرار واصحاب ثقل اجتماعي ومكانة اساليب وقنواتٌ تأثيريَّةٌ في تشكيله باعتبارهم على اطلاعهم ومعرفتهم بإرادات أفـراد المجتمع وطموحاتهم ومشاعرهم وطموحاته بما يمكِّنهم من تبنِّي الأفكار الرائدة مسبقاً، ويأخذ صناع الرأي عادة وقتاً ويبذلون جهداً ليكوِّنوا بشأنها آراءً يعبِّرون عنها للآخرين، سماتٌ وقدراتٌ تجعلهم مؤثِّرين في الرأي العام من خلال الثقة بأهدافهم لتغيير بنية المجتمع إلى الأحسن، أو لنقله من حالة فساد إلى حالة إصلاح.

وتترجم علاقةُ الصحافة بالرأي العام من خلال كتَّاب الرأي فيها ومدى الترابط الثقافيِّ والتفاعل الفكريِّ بينهما فيتبادلان التأثير، فللصحافة رسالةٌ تنويريَّة في المجتمع تكوِّن الرأيَ العام الإيجابيَّ فيه وتقوده نحو التطوير والتغيير؛ ولتكون كذلك تتطلَّب رسالتها التزاماً اجتماعيَّاً وأخلاقيَّاً باعتبارها السلطة الرابعة في مجتمعها، الذي ينبغي أن يتيحَ لها من حريَّة التعبير ما تسهم به من تكوينٍ للرأي العام الإيجابيِّ الفاعل، فالصحافة الحرَّة تستطيع النهوض بواجب توعية المجتمع وتنويره؛ باعتباره أساس الشرف الذي ينبغي أن تعملَ الصحافةُ بموجبه على صفحاتها من خلال محرِّريها وكتَّابها، وفي مواقعها الإلكترونيَّة من خلال مشاركات قرَّائها بتعليقاتهم نقداً وإضافة وتفصيلاً وإيضاحاً.

وهنالك ايضا أدوارٌ سلبيَّةٌ لبعض وسائل الإعلام في تحريك الرأي العام بتجنيد منابرها وقنوات تواصلها ومحاوريها إستراتيجيات غير محسوسة لمعظم المتلقِّين، كإستراتيجيَّةُ لفت الاذهان عن المشكلات والأزمات وتشتيتها، اوُ خلق مشكلات وعرض حلولها لتمرير القرارات، والتدرُّج في الإجراءات لإضعاف الحلول، وإستراتيجيَّةُ التأجيل لميل الناس للأمل والرجاء، وإستراتيجيَّةُ تسطيح الخطاب لتمييع القضايا، وإستراتيجيَّةُ إثارة المشاعر بخلق مناخ يعتريه الخوف والقلق لتعطيل القدرات على التفكير النقديِّ، وإستراتيجيَّةُ الحفاظ على مستوى معيَّن من الجهل لدى المتلقِّين حتى لا يتمكَّنوا من تفكير يؤهِّلهم للتفاعل مع قضاياهم، وإستراتيجيَّةُ استساغة البلادة حيث تضفي على المتلقِّين حالة من اليأس والاسترخاء؛ فإذا كان الجهل يحول دون إدراك سليم للمشكلات والأزمات، فإنَّ البلادة تحيل إلى الخمول والاستسلام، وإستراتيجيَّةُ ترسيخ حالة الشعور بالذنب، فيشعر المتلقِّي بأنه المسؤول الوحيد عن شقائه؛ لخمول قدراته؛ ممَّا يدفعه إلى الاكتئاب لا إلى التغيير، وإستراتيجيَّةُ ادِّعاء معرفة المتلقِّين بأكثر ممَّا يعرفون به أنفسهم؛ فتلك إستراتيجيات تؤثِّر سلباً في المتلقين من حيث لا يدرون.

وتتَّضحُ أكثر السلبيات في بعض المواقع الإلكترونيَّة من خلال تعليقات بعض قرَّائها من باب رعايتها لحريَّة التعبير والاتِّجاهاًت الفكريَّة وتوجُّهاً صحفيًّاً، فتمرَّرُ تعليقاتٌ لا علاقة لها بمواضيع مقالاتها لكنها تعمل على تحريك وجهات نظر مختلفة وتشتيت الانظار للزاوية الموحدة، فأولئك المعلِّقون إنَّما يطبِّقون تلك الإستراتيجيَّات بعلمهم أو دونه، وتطبَّق أيضاً هذه الإستراتيجيَّات بوضوح أكثر في برامج حواريَّة وفي أخبار اجتماعيَّة وسياسيَّة في قنوات فضائيَّة موجَّهة سياسيَّاً ومؤدلجة فكريَّاً، بل وتخضع لترتيبات مسبقة في مداخلاتها الحواريَّة.وأحسبُ أنَّ الواقع العربيَّ في مشكلاته الاجتماعيَّة وفي أزماته السياسيَّة وفي صراعاته الطائفيَّة والفكريَّة ما هو إلا محصِّلة لتلك الإستراتيجيَّات ذات التأثير السلبيِّ في تكوين الرأي العام التي عَظَّمتْ أزماته ووَسَّعتْ مشكلاته، وشَعَّبتْ صراعاته، ووجدتْ بها التدخُّلاتُ الخارجيَّةُ مجالاَ لأدوارٍ تأثيريَّة في ذلك كلِّه ومن خلال العرب أنفسهم، فمتى يتنبَّه العربُ إلى هذه الإستراتيجيَّات المؤثِّرة سلباً في تكوين الرأي العام ويواجهونها فكريَّاً ويزيحونها بتعرية أساليب مستخدميها؟!.